الجمعة، 8 يوليو 2011

المساواة فى الاسلام


المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسارئر المعاملات


أقام الإسلام المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وفي سائر المعاملات، وقد سجل التاريخ نماذج رائدة لهذه المعاملات التي تعتبر قمة ما وصلت إليه المعاملات الإنسانية العادلة في تاريخ البشرية جمعاء.
فعندما شكا رجل من اليهود علي بن أبي طالب للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عمر لعلي: قم يا أبا الحسن فاجلس بجوار خصمك، فقام علي وجلس بجواره ولكن بدت على وجهه علامة التأثر، فبعد أن انتهى الفصل في القضية قال لعلي: أكرهت يا علي أن نسوي بينك وبين خصمك في مجلس القضاء؟ قال: لا، ولكني تألمت لأنك ناديتني بكنيتي فلم تسو بيننا، ففي الكنية تعظيم، فخشيت أن يظن اليهود أن العدل ضاع بين المسلمين.


وتتابعت وصايا رسول الله بأهل الذمة والمعاهدين حيث قال :
"من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما" فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج12 ص259، ومعنى "لم يرح رائحة الجنة": لم يشمها.


وقال :
"ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة" سنن أبي داود، ج3 ص437، سنن البهيقي، ج9 ص205


ومما يدل على المساواة بين المسلمين وغيرهم في القضاء، وعلى انتشار الإسلام بسماحته وحسن معاملة المسلمين لغير المسلمين: هذه الواقعة التي حدثت بين الإمام علي بن أبي طالب وبين رجل من أهل الكتاب، وذلك عندما فقد الإمام علي رضي الله عنه درعه، ثم وجدها عند هذا الرجل الكتابي، فجاء به إلى القاضي شريح قائلاً: إنها درعي ولم أبع ولم أهب، فسأل القاضي شريح الرجل الكتابي قائلاً: (ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟).
فقال الرجل: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت القاضي شريح إلى الإمام علي رضي الله عنه يسأله: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ فضحك علي وقال: أصاب شريح ما لي بينة، فقضى بالدرع للرجل، وأخذها ومشى، وأمير المؤمنين ينظر إليه، إلا أن الرجل لم يخط خطوات حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء .. أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين؛ انبعث الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فخرجت من بعيرك الأورق، فقال الإمام علي رضي الله عنه: "أما إذ أسلمت فهي لك".


وهكذا نرى كيف وصلت سماحة الإسلام إلى هذا المدى الذي يقف فيه أمير المؤمنين نفسه أمام القاضي، مع رجل من أهل الكتاب، ومع أن أمير المؤمنين على حق، فإن القاضي طالبه بالبينة، وهذا أمر جعل أمير المؤمنين يضحك؛ لأنه على حق، وليس معه بينة، وواضح أنه المدعي، والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر، ثم تكون النهاية: أن يحكم القاضي للرجل بالظاهر، حيث لم تظهر البينة .. إن هذه المعاملة السمحة، التي لا يفرق فيها بين أمير وواحد من الرعية من أهل الكتاب جعلت الرجل يفكر في هذا الدين ويتملكه الإعجاب بهذا الدين الذي يقف فيه أمير المؤمنين أمام قاضيه، ويحكم قاضيه عليه لا له، بظاهر ما أمامه وإن كان ذلك خلاف الواقع، فأنطلق الله الرجلان يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ويعترف ويقر بالحقيقة قائلا: الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، انبعث الجيش، وأنت منطلق إلى صفين فخرجت من بعيرك الأورق، ولكنه قد اعترف وأحب الإسلام ودخل فيه .. مما جعل أمير المؤمنين يتنازل عن الدرع للرجل قائلاً: (أما إذ أسلمت فهي لك).


إنها صورة من صور القضاء في قمة عدالته، حيث يسوي بين هذا الرجل وبين أمير المؤمنين، وصورة سماحة الإسلام في ذروتها حيث كان الحكم بالظاهر وعلى أمير المؤمنين لا له، إن مثل هذه المعاملة السمحة مع غير المسلمين، هي التي قربت الإسلام إلى الناس، وجعلتهم يدخلون في دين الله أفواجاً.


أما صور التعصب الممقوت التي يساء فيها إلى الإسلام فإنها لا تدفع الناس إلى الدخول فيه، بل تدفعهم إلى النفور منه. ومن أجل هذا كان القرآن الكريم يجلي هذه الحقيقة:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (سورة البقرة الآية 256)


وأيضاً لا حرج فيه ولا مشقة:
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } (سورة الحج الآية 78)


إنه دعوة إلى اليسر والتسامح لا إلى العسر والغلظة:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (سورة البقرة الآية 185)
يتبع

موقف الاسلام من غير المسلمين


موقف الإسلام من غير المسلمين



من المعلوم أن الإسلام هو دين السلام، لا يأمر بالحرب إلا في الضرورة القصوى التي تستدعي الدفاع والجهاد في سبيل الله، ومع مشروعية الجهاد في سبيل الله دفاعاً عن الدين والعقيدة والأرض والعرض، فإن الحرب في الإسلام لها حدود وضوابط وللمسلمين أخلاقهم التي يتخلقون بها حتى في حربهم مع من يحاربهم من غير المسلمين، فأمر الإسلام بالحفاظ على أموال الغير، وبترك الرهبان في صوامعهم دون التعرض لهم، ونهى الإسلام عن الخيانة والغدر والغلول، كما نهى عن التمثيل بالقتلى، وعن قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وعن حرق النخيل والزروع، وقطع الأشجار المثمرة، وأوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أسامة بن زيد عندما وجهه إلى الشام بالوفاء بالعهد وعدم الغدر أو التمثيل، وعاهد خالد بن الوليد أهل الحيرة ألا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصراً، ولا يمنعهم من أن يدقوا نواقيسهم أو أن يخرجوا صلبانهم في أيام أعيادهم.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رحيماً بغير المسلمين من أهل الكتاب، وكان ينصح سعد بن أبي وقاص ـ عندما أرسله في حرب الفرس ـ بأن يكون حربه بعيداً عن أهل الذمة، وأوصاه ألا يأخذ منهم شيئاً لأن لهم ذمة وعهداً، كما أعطى عمر رضي الله عنه أهل إيلياء أماناً على أموالهم وكنائسهم وصلبانهم وحذر من هدم كنائسهم، وأمر الإسلام بحسن معاملة الأسرى وإطعامهم قال تعالى:
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } (سورة الإنسان الآية 8)
بينما يعامل غير المسلمين أسرى المسلمين معاملة سيئة، فقد يقتلونهم وقد يسترقونهم أو يكلفونهم أشق الأعباء والأعمال، فإن أسرى غزوة بدر الكبرى عاملهم النبي خير معاملة، فوزعهم على الصحابة وأمرهم أن يحسنوا إليهم، فكانوا يؤثرونهم على أنفسهم في الطعام وفي الغذاء، ولما استشار أصحابه في شأن أسرى بدر، وأشار البعض بقتلهم، وأشار الآخرون بالفداء، وافق على الفداء، وجعل فداء الذين يكتبون منهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وكان هذا أول إجراء لمحو الأمية.
ولم يقبل الرسول أن يمثل بأحد من أعدائه في الحروب مهما كان أمره، ولما أشير عليه أن يمثل بسهيل بن عمرو لأنه كان يحرص على حرب المسلمين وعلى قتالهم فأشير عليه أن ينزع ثنيتيه السفليين حتى لا يستطيع الخطابة بعد ذلك لم يوافق النبي على ذلك بل رفض قائلاً:
لا أمثل به فيمثل الله بي، وإن كنت نبياً
وعندما حقق الله تعالى لرسوله أمنيته بفتح مكة المكرمة ودخلها فاتحاً منتصراً ظافراً قال لقريش:
"ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لي ولكم"



ومن توجيهات الإسلام للمسلمين في الحرب


1. أن يكون القتال في سبيل الله.
2. أن يكون القتال لمن يقاتلون المسلمين.
3. عدم الاعتداء، قال الله تعالى:
{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ } (سورة البقرة الآية 190)
فالذين يعتدون على المسلمين ويقاتلونهم أمر المسلمون أن يقاتلوهم، ولكنه قتال عادل بمعنى ألا يمثلوا بأحد وبلا تعذيب، حيث قال الله تعالى:
{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (سورة البقرة الآية 194)
وهذا فيمن يقاتلون المسلمين، أما الذين لا يقاتلون من غير المسلمين فكان النبي ينهى عن قتالهم:
فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: "انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة .." أبو داود، ج3 ص86 رقم 2614
وفي حديث آخر:
"سيروا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً" سنن ابن ماجة، ج2 ص953


كما كان ينهى عليه الصلاة والسلام عن التعرض للرهبان وأصحاب الصوامع، وعن التمثيل والغلول،
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله إذا بعث جيوشه قال: "اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تعتدوا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع" مسند احمد، ج1 ص200



موقف الإسلام من غير المسلمين في حال السلم


يقف الإسلام من غير المسلمين في حال السلم موقف الأمان، بل إنه لم ينه عن البر بهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما ينهى عن البر بالذين قاتلوا المسلمين في دينهم وأخرجوهم من ديارهم وظاهروا على إخراجهم، فقال جل شأنه:
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "8" إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "9"} (سورة الممتحنة الآيتان: 8 ، 9)


ونهى القرآن الكريم عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، فقال الله سبحانه:
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (سورة العنكبوت الآية 46)
وقال سبحانه:
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } (سورة آل عمران الآية 64)


بل أمر الإسلام بالوفاء بالعهد حتى مع المشركين، قال تعالى:
{إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } (سورة التوبة الآية 4)
بل لو طلب المشرك من المسلم أن يجيره فعليه أن يجيره، بل ويبلغه مأمنه، كما قال الحق تبارك وتعالى:
{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } (سورة التوبة الآية 6)
ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم، ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر أن يصلي بها، وهم أن يفعل ثم اعتذر ووضح أنه يخشى أن يصلي بالكنيسة فيأتي المسلمون بعد ذلك ويأخذونها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر.
ولم تتوقف معاملة المسلمين لغير المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام عبر عصوره على القيام بما يحتاجه أهل الكتاب وما يحتاج إليه الفقراء منهم.


إن مثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح، وعلى رعاية حقوق الناس، وعلى الرحمة بجميع البشر مهما اختلفت عقائدهم وأجناسهم.
وقد حفظت أجيال المسلمين قيمة هذه الرعاية الإسلامية لحقوق غير المسلمين، لأنهم ما طبقوها إلا استجابة لتعاليم القرآن الكريم، وتوجيهات الرسول العظيم وقد طبقها في حياته فوعاها المسلمون جيلاً فجيلاً، وطبقها الخلف عن السلف، والأبناء عن الآباء، فهاهو ذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: حدث مجاهد قال: "كنت عند عبد الله بن عمر، وغلام لم يسلخ شاة، فقال: يا عمر إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي، وقال ذلك مراراً، فقال له: كم تقول هذا؟ فقال إن رسول الله لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه".

سماحة الاسلام


عن النبكى الطيب : منتديات زيدل
سمــاحة الاسلام والرسول


صلي الله عليه وسلم

في تعامله مع أهل الشرائع الأخرى


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
فهذه دراسة عن موقف الإسلام من غير المسلمين، ويتضح بها احترام الإسلام لسائر الأديان السماوية، ووجوب الإيمان بجميع الرسل والكتب السابقة، كما يتضح بها موقف الإسلام من غير المسلمين في الحرب وفي السلم، والمساواة بين المسلمين وغير المسمين في سائر المعاملات، وسماحة الإسلام مع غير المسلمين، والتي كان الناس بسببها يدخلون في دين الله أفواجاً، وأن الإسلام هو دعوة كل الرسل. اسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه الخير والرشد والسداد.مع التذكير ان الموضوع للقرأة وليس للنقاش


احترام الإسلام لسائر الأديان السماوية


احترم الإسلام جميع الأديان السماوية، وأرسل الله تعالى سيدنا محمداً خاتماً للأنبياء والمرسلين، ومصدقاً لجميع الرسل الذين كانوا قبله، وأنزل الله تعالى على رسوله القرآن الكريم تبياناً لكل شيء ومصدقاً لما بين يديه من الكتب ومهيمناً عليها وحارساً أمينا لها.
وكان من عناصر الإيمان: الإيمان بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية قال تعالى:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (سورة البقرة الآية 285)
بل إن إيمان المؤمن لا يكون صحيحاً إلا إذا آمن بجميع الأنبياء السابقين، وآمن بما أنزل الله تعالى عليهم من الكتب السماوية الصحيحة، قال تعالى:
{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (سورة البقرة الآية 136)
ومادام كل مسلم مأموراً أن يؤمن بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، فلا يكون لديه تعصب، ولا كراهية لدين آخر أو نبي أو رسول، ولا كراهية ولا حقد على أحد من أتباع الأديان الأخرى.
ووضع القرآن لأتباعه ما قضته الإرادة الإلهية منذ الأزل، من اختلاف الناس في عقائدهم وأجناسهم وألوانهم، وذلك لحكمة يعلمها الحكيم الخبير.
قال سبحانه:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ "118" إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } (سورة هود، الآيتان: 118، 119)
وقال جل شأنه:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } (سورة يونس الآية 99)
ولا يحجر الإسلام على أحد، ولا يكره أحدا على الدخول في عقيدته، قال الله تعالى:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (سورة البقرة الآية 256)

الأربعاء، 6 يوليو 2011

نظرة القران الكريم فى اليهود


د. محسن محمد صالح

الأستاذ المشارك في الدراسات الفلسطينية

وتاريخ العرب الحديث


نظرة القرآن الكريم لليهود فيمكن تلخيصها في النقاط التالية:

أولاً: اليهود أو بنو إسرائيل قبل الإسلام صنفان: صنف مؤمنون صالحون وصنف ظالمون عصاة فاسقون. وقد مدح القرآن مؤمنيهم كما ذمّ فاسقيم. ولا يتعامل القرآن مع بني إسرائيل أو اليهود بوصفهم جنساً أو قوماً، يُقبل بأكمله أو يُرفض بأكملة، وإنما باعتبارهم أفراداً ينتمون إما إلى معسكر الإيمان أو معسكر الكفر. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ . وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[17]. وقال تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾[18].

ثانياً: إن الظاهرة الغالبة على بني إسرائيل السابقين كانت الكفر والعصيان. قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ﴾[19]. وقال تعالى: ﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[20]. وقال تعالى: ﴿لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾[21]. وقال تعالى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ﴾[22].

ثالثاً: ذمَّ الله سبحانه عدداً من سلوكيات وأخلاق تلك الفئة الغالبة من اليهود، وكشف العديد من صفاتها حتى يتنبه المؤمنون في التعامل معها:

1. شدة العداوة للمؤمنين وبغضهم: قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾[23]. وقال تعالى: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ . هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾[24]. وقال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾[25].

2. قتل الأنبياء والرسل: قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾[26]. وقال تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾[27].

3. تحريف التوراة وتزييف كلام الله والافتراء عليه: قال تعالى: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[28]. وقال تعالى: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾[29]. وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[30]. وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء﴾[31]. وقال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ﴾[32].

4. اتخاذ الآلهة والوقوع في الشرك: فقد عبدوا العجل، قال تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ﴾[33]. وقال تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾[34]. وقال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾. وقال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ﴾[35].

5. نشر الفتنة والفساد: قال تعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾[36].

6. الغيرة والحسد وعدم حب الخير للمؤمنين: قال تعالى: ﴿إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا﴾[37]. وقال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم﴾[38].

7. نقض المواثيق والعهود: قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ﴾[39]. وقال تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾[40]. وقال سبحانه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾[41].

8. الاستهزاء بالدين وشعائره: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء﴾[42].

9. أكل الربا والمال الحرام: قال تعالى: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[43]. وقال تعالى: ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾[44].

10. قسوة القلوب: قال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾[45]. وقال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾[46].

11. الجبن وحب الحياة: قال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾[47]. وقال تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا﴾ ... ﴿قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾[48]. وقال تعالى: ﴿لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ﴾[49].

12. وحدتهم ظاهرية وحقيقتهم اختلاف: قال تعالى: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾[50].

13.الذلة والمسكنة: قال تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ﴾[51]. قال تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾[52].

رابعاً: نبه الله سبحانه إلى أن الصراع مع اليهود مستمر وأن عدواتهم دائمة: قال تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾[53]. وقال تعالى: ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا﴾[54].

خامساً: أشار سبحانه إلى مرحلتين من علو بني إسرائيل في الأرض كما في فواتح سورة الإسراء يرافقه فساد كبير. قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾[55].

سادساً: ذكر الله سبحانه أن ضرراً وأذى سيصيب المؤمنين بسبب كيد هؤلاء اليهود وعلوهم، ولكنه ضررٌ عارض سينتهي بالتزام المؤمنين بدينهم وتحقيق وعد الله سبحانه لهم بالنصر. قال تعالى: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ﴾[56]. وخاطب سبحانه بني إسرائيل مخبراً لهم عما سيفعله المؤمنون بهم ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾[57].

وهناك رأيان لهما وجاهتهما في فهم العلو اليهودي الحالي إن كان هو العلو الأول أو الثاني. فيرى كثيرون أن العلو الحالي هو العلو الثاني، لكن يختلفون في العلو الأول، فيرى بعضهم أنه كان في أثناء دولة بني إسرائيل في فلسطين، التي قضى عليها الأشوريون والبابليون (قُضي على مملكة إسرائيل سنة 722ق.م على يد الملك الأشوري سرجون الثاني، وقضي على مملكة يهودا سنة 586ق.م على يد الملك البابلي نبوخذ نصر). ويرى آخرون أن العلو اليهودي الأول كان في عهد النبي r عندما قُضي عليهم في المدينة وخيبر. وهناك من يرى أن العلو اليهودي الحالي هو العلو الأول مدللين أن علو بني إسرائيل أيام داود وسليمان عليهما السلام لم يكن فساداً ولا إفساداً، وبعد ذلك كان شأن اليهود ضعيفاً غير مؤثر بين الحضارات والأمم سواء عندما استمرت مملكتهم أو حكمهم الذاتي في فلسطين، أو حتى في العهد النبوي إذ كان شأنهم ضئيلاً مقارنة بفارس والروم وغيرها، وإن تحقق فيه فساد إلا أنه لم يشمل الأرض. أما الآن فيرون أن فسادهم وإفسادهم يشمل الأرض كلها، من خلال قوتهم ونفوذهم الدولي، وتأثيرهم في مراكز القرار في أقوى دول العالم.

الجمعة، 1 يوليو 2011

قدسية الاديان فى القران وايات الصفح


(3)القرآن وقدسيّة الأديان

بالإضافة إلى الآيات الشريفة المنادية إلى العفو والصفح الجميل والجنوح إلى السلم والسلام هناك آيات اُخر تدعو إلى احترام عقائد الآخرين حتّى ولو كانت فاسدة وغير صحيحة، وهذا إنّما يدلّ على حرص الإسلام على السماحة واللاّعنف في سلوك المسلمين حتّى مقابل أصحاب العقائد الضالّة التي لا قداسة لها في نظر الإسلام، نعم من واجب المسلمين السعي لهدايتهم بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ))[18]. سورة النحل 125- 126

وفي سورة الكافرين يقول تعالى: ((لَكُمْ دِينُكُمْ وَليَ دِينِ))[19]. سورة الكافرون 6

وفي آية أخرى يدعو القرآن الكريم المؤمنين إلى عدم إيذاء الكافرين وإثارتهم عبر سبّ آلهتهم فقال سبحانه: ((وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم))[20]. سورة الانعام 108

وقد جاء في الأحاديث الشريفة توضيح ذلك حيث قال أبو جعفر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية الشريفة:

«في التوراة مكتوب فيما ناجى الله جلّ وعزّ به موسى بن عمران (عليه السلام): يا موسى اكتم مكتوم سرّي في سريرتك وأظهر في علانيّتك المداراة عنّي بعدوّي وعدوّك من خلقي، ولا تستسب لي عندهم بإظهار مكتوم سرّي فتشرك عدوّك وعدوّي في سبّي»[21].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يقول (عليه السلام): «وإيّاكم وسبّ أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبّوا الله عدواً بغير علم»[22].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضاً قال: سئل عن قول النبي (صلى الله عليه وآله): الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء، فقال: «كان المؤمنون يسبّون ما يعبد المشركون من دون الله فكان المشركون يسبّون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله المؤمنين عن سبّ آلهتهم لكيلا يسبّ الكفّار إله المؤمنين فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون، فقال: ((وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فيسبوا الله عدواً بغير علم))[23]»[24].

وعن الإمام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال (عليه السلام) في آخره: «إنّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلاثة: أحدها الغلو، وثانيها التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم سبّونا بأسمائنا، وقد قال الله تعالى: ((وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم))»[25].

فضلا عن ذلك كلّه فإنّ الله تعالى في أكثر من آية من آيات القرآن الحكيم أورد نفس حديث الكافرين والملحدين وجعله بين طيّات الآيات الاُخر وأمر المسلمين أن يتطهّروا إذا أرادوا مسّه حيث إنه أصبح من القرآن الكريم وهذا يؤيد احترام الإسلام للآخرين وعدم اعتباره للعنف حتّى مع مخالفيه ومناوئيه.

(4)آيات الصفح

إلى جانب كلّ ما ذكر من الآيات المؤكّدة على نبذ العنف والبطش، فإنّ هناك آيات أخرى صريحة تحثّ المسلمين على الصفح وغضّ النظر عن إساءة الآخرين.

فمن هذه الآيات الداعية إلى الصفح الجميل هو قوله تعالى: ((وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[26]. سورة التغابن 14

وقال سبحانه: ((وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ))[27]. سورة النور 22

وقال تعالى: ((فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ))[28]. سورة المائدة 13

وقال عز وجل مخاطباً الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): ((وَإِنَّ السَّاعَةَ لاَتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ))[29]. سورة الحجر 85

وقال سبحانه: ((فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ))[30]. سورة الزخرف 89

وقال عز وجل: ((فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ))[31]. سورة البقرة 109

هذا بالإضافة إلى الآيات التي تدل على الغفران والغض عن السيئة والمحبة والإحسان وما أشبه.


ايات السلم فى الاسلام


(2)آيات السلم

وهناك مصداق آخر للاّعنف الذي يؤكّد عليه الإسلام العزيز وهو السلم والسلام، حيث إنّ الإسلام هو دين السلم وشعاره السلام..

فبعد أن كان الجاهليون مولعين في الحروب وسفك الدماء جاء الإسلام وأخذ يدعوهم إلى السلم والوئام ونبذ الحروب والمشاحنات التي لا ينجم عنها سوى الدمار والفساد..

على هذا الأثر فإنّ آيات الذكر جاءت لتؤكّد على مسألة السلم والسلام، فقد قال عزّ من قائل مخاطباً عباده المؤمنين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً))[10].سورة البقرة 208

وقد دُعي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى الجنح للسلم إذا جنح إليه المشركون، فقال عزّ من قائل: ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ))[11]. سورة الانفال 61

وقال تعالى داعياً عباده المؤمنين إلى اعتزال القتال إثر جنوح المشركين إلى السلم: ((فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا))[12]. سورة النساء 90

وقال عز وجل في صفات المؤمنين: ((وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً))[13]. سورة الفرقان 63

وقال الله تعالى مخاطباً رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله): ((وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ))[14]. سورة فصلت 34

وقد قال شيخ المفسّرين الطبرسي في تفسير هذه الآية: «وقيل: لا تستوي الخصلة الحسنة والسيّئة، فلا يستوي الصبر والغضب، والحلم والجهل، والمداراة والغلظة، والعفو والإساءة».

ثمّ بيّن سبحانه ما يلزم على الداعي من الرفق بالمدعوّ، فقال: ((إدفع بالتي هي أحسن)) خاطب النبي (صلى الله عليه وآله) فقال إدفع بحقّك باطلهم، وبحلمك جهلهم، وبعفوّك إساءتهم، ((فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم))، معناه: فإنّك إذا دفعت خصومك بلين ورفق ومداراة، صار عدوّك الذي يعاديك في الدين، بصورة وليّك القريب، فكأنّه وليّك في الدين، وحميمك في النسب»[15].

وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراراً ومراراً يدعو أصحابه إلى الدفع بالتي هي أحسن، والإحسان إلى المسيئين، فقد وفد العلاء بن الحضرمي عليه (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، إنّ لي أهل بيت أحسن إليهم فيسيؤون، وأصلهم فيقطعون، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيم))[16]. سورة فصلت 34- 35

فقال العلاء بن الحضرمي: إنّي قد قلت شعراً، هو أحسن من هذا!.

قال: «ما قلت»؟

فأنشده:

وحيِّ ذوي الأضغان تسبّ قلوبهم***تحيّتك العظمى فقد يرفع النغل

فإن أظهروا خيراً فجاز بمثله***وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل

فإنّ الذي يؤذيك منه سماعه***وإنّ الذي قالوا وراءك لم يقل

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «إنّ من الشعر لحِكَماً، وإنّ من البيان لسحراً، وإنّ شعرك لحسن، وإنّ كتاب الله أحسن»[17].